اخبار لايف

سوريا «الشرع».. آمال اقتصادية تصطدم بتحديات عميقة


تناول تحليل نشره مركز أبحاث “نيكست سينشري فونديشن” الأمريكي الوضع الاقتصادي لسوريا في الوقت الحالي.

وأوضح التحليل أنه بعد أربعة عشر عاماً من الحرب والعقوبات الغربية، ينهار الاقتصاد السوري تحت وطأة الفقر غير المسبوق، حيث يعيش نحو 90% من السكان تحت خط الفقر، وأكثر من ربعهم في فقر مدقع، فيما تشير تقديرات دولية إلى أن تكلفة إعادة الإعمار تتراوح بين 250 و400 مليار دولار، ما يجعل التعافي مهمة تمتد لسنوات طويلة.

ومع سقوط الحكومة السابقة في ديسمبر/كانون الثاني 2024، ظهرت آمال بإحياء الاقتصاد، لكن الواقع الميداني يكشف عن بنية منهارة ومؤسسات ضعيفة، بينما تؤكد تقديرات أممية أن إعادة البناء تحتاج إلى عقد كامل على الأقل، في ظل استمرار الاضطرابات السياسية والتحديات الاجتماعية.

إصلاحات اقتصادية طموحة

وقال التحليل إن الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع التي تشكلت عقب تغيّر السلطة وضعت برنامجاً اقتصادياً واسعاً، يتضمن تعزيز استقلال البنك المركزي، والحد من دور الدولة في السوق، وخصخصة الشركات العامة وتقليص القطاع الحكومي. كما شرعت في إصدار عملة جديدة بحذف صفرين في محاولة لاستعادة الثقة بالليرة المنهارة، وفتحت الباب أمام الاستثمارات الأجنبية بعد تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية مطلع العام الجاري.

وقد أدى تخفيف العقوبات إلى عودة سوريا تدريجياً للنظام المالي العالمي، مع تنفيذ أول تحويل عبر “سويفت” منذ عام 2011، بينما بدأت الحكومة تخفيض الرسوم الجمركية بنسب كبيرة وإعادة فتح التجارة الحدودية، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في النشاط التجاري خاصة في المناطق الشمالية.

كما شهدت الأشهر الماضية توقيع اتفاقات كبرى شملت مشاريع للطاقة والبنية التحتية والنقل، إلى جانب تعهد دول ومنظمات بتقديم مليارات الدولارات لدعم الإعمار. كما استؤنف التعاون مع دول إقليمية في مجالات الغاز والكهرباء، في محاولة لإعادة بناء القطاعات الحيوية.

تحديات بنائية عميقة

لكن رغم الزخم الإصلاحي، يواجه الاقتصاد السوري تحديات صعبة تتمثل في الانقسام الجغرافي وغياب العدالة التنموية بين المناطق، إذ تشهد إدلب انتعاشاً ملحوظاً بينما تتأخر عمليات الإعمار في دمشق وحلب. ويثير ضعف الشفافية مخاوف من تكرار نماذج الاحتكار الاقتصادي القديمة، مع نمو نفوذ شبكات اقتصادية ضيقة داخل السلطة الحالية.

كما تعاني المؤسسات المصرفية من شلل شبه كامل ونقص في السيولة، إضافة إلى فقدان السجلات العقارية وتفاقم النزاعات حول حقوق الملكية. ويزيد الوضع الإنساني المتدهور مع معاناة أكثر من 16 مليون شخص من ظروف معيشية قاسية، ما يجعل أي تحسن اقتصادي غير ملموس بالنسبة للمواطن العادي.

ومنذ اندلاع الحرب عام 2011 فقد الاقتصاد نحو ثلثي حجمه، وتراجعت الاحتياطيات النقدية، وانهارت الليرة بنسبة تجاوزت 99%، بينما أسهمت العقوبات والاقتصاد الموازي والتهريب في تآكل قدرة الدولة على التحكم بالقطاع المالي. كما توسعت تجارة المخدرات في السنوات الماضية لتصبح مصدراً رئيسياً للدخل في ظل غياب البدائل.

ورغم الإصلاحات والانفتاح الخارجي، لا تزال الطريق نحو التعافي محاطة بقدر كبير من عدم اليقين، في ظل استمرار الانقسام السياسي وضعف المؤسسات وتأخر الإعمار. وبينما تسعى الحكومة المؤقتة لفتح صفحة اقتصادية جديدة، يبقى مستقبل سوريا مرهوناً بقدرتها على تحقيق استقرار سياسي حقيقي وتوزيع عادل للموارد وإعادة بناء الثقة بالاقتصاد الوطني.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى