اخبار لايف

قانون التقاعد يربك فرنسا.. مقترحات لتجميد الإصلاح وتهدئة الشارع الغاضب


رسمت صحيفة “نوتر تون” الفرنسية عدة سيناريوهات محتملة في حال تعليق تعديل قانون التقاعد لعام 2023 في فرنسا الذي رفع سن التقاعد القانوني إلى 64 عاما بحلول عام 2032.

وقالت الصحيفة الفرنسية إنه في ظل حالة الجمود السياسي التي تشهدها فرنسا وصعوبة تشكيل حكومة جديدة، عاد ملف إصلاح نظام التقاعد لعام 2023 إلى الواجهة مجددًا، بعدما طُرح خيار تعليق تطبيقه مؤقتًا كوسيلة لتهدئة الشارع وإرضاء النقابات.

غير أن هذا السيناريو، الذي يحظى بدعم القوى اليسارية ومعارضة اليمين، يثير أسئلة مالية وقانونية معقدة، تتعلق بمصير الأعمار القانونية الجديدة، وعدد الفصول التأمينية المطلوبة، وتكلفة التراجع عن الإصلاح على خزينة الدولة.

وتعد مسألة تعليق إصلاح التقاعد لعام 2023، الذي رفع سن التقاعد القانوني إلى 64 عامًا بحلول عام 2032، واحدة من الخيارات المطروحة حاليًا لتسهيل تشكيل حكومة جديدة في فرنسا، كما أنها من أبرز مطالب النقابات العمالية والحزب الاشتراكي. ورغم رفض هذا المقترح سابقًا من جانب الكتلة الوسطية، فإنها تبدو اليوم أكثر انفتاحًا عليه.

فقد صرّحت إليزابيت بورن، رئيسة الوزراء السابقة التي دفعت بالإصلاح إلى الإقرار عبر المادة 49.3 المثيرة للجدل، في مقابلة مع صحيفة لو باريزيان مطلع الأسبوع، قائلة: “إذا كان تعليق الإصلاح شرطًا لتحقيق الاستقرار في البلاد، فيجب دراسة سبل تطبيقه وتبعاته العملية”.

كما أقرّ سيباستيان لوكورنو مساء الأربعاء بأنه “من الضروري إيجاد طريقة لإعادة النقاش حول إصلاح التقاعد”.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه حتى الآن، لا تزال فكرة التعليق مجرد احتمال نظري دون تفاصيل واضحة حول آلية التنفيذ، موضحة أن المؤكد أن التعليق، إن حدث، سيكون تجميدًا مؤقتًا لا إلغاءً نهائيًا، ما يعني أنه لن يشمل المتأثرين فعلاً بالإصلاح، أي المولودين بعد 1 سبتمبر/ أيلول 1961.

ما عواقب التعليق ابتداء من عام 2026؟

ويُطبّق تعديل قانون التقاعد الذي أُعلن عام 2023 زيادة تدريجية بمعدل 3 أشهر لكل عام ميلاد حتى الوصول إلى سن التقاعد 64 عامًا لجيل 1968.

حاليًا، يمكن لمواليد 1963 التقاعد عند 62 عامًا و9 أشهر، بينما سيرتفع السن إلى 63 عامًا لمواليد 1964. وإذا تم تعليق الإصلاح اعتبارًا من 2026، فهل يعني ذلك أن مواليد 1964 سيتمكنون من التقاعد عند 62 عامًا و9 أشهر بدلًا من 63 عامًا؟

وفي مؤتمر الربيع 2025 الخاص بالتقاعد، دعا إيفان ريكوردو، مفاوض نقابة CFDT، إلى هذا السيناريو قائلاً: “يمكننا الإبقاء على سنّ 62 عامًا و9 أشهر وتأجيل أي تغييرات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية”.

وأشار إلى أن الحكومة يمكنها تقنيًا إدراج هذا التعديل في مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي لعام 2026، مقدّرًا أن نحو 600 ألف شخص من مواليد 1964 سيستفيدون من التجميد.

وفي حال تبني سيناريو آخر أكثر رمزية، بتحديد سنّ 63 عامًا، فإن أول جيل معني سيكون مواليد 1965، الذين سيُسمح لهم بالتقاعد في يناير/ كانون الثاني 2028 بدلًا من أبريل/ نيسان من العام نفسه.

ما أثر التعليق على عدد الفصول التأمينية المطلوبة؟

لا يقتصر الإصلاح على رفع سنّ التقاعد، بل يشمل أيضًا زيادة تدريجية في عدد الفصول التأمينية اللازمة للحصول على معاش كامل.

مواليد 1963 مثلاً، يُطلب 170 فصلاً، ولجيل 1964 يُطلب 171 فصلاً، لكن في حال تجميد السنّ عند 62 عامًا و9 أشهر، هل سيُعتمد عدد الفصول نفسه (170)، أم ستواصل الحكومة تطبيق الزيادة؟ هذا القرار سيكون له تأثير مالي مباشر على قيمة المعاشات ونظام الحسومات أو الزيادات.

أما في حال العودة إلى جدول إصلاح تورين السابق، فسيُطلب 171 فصلاً لجيل 1970، و172 فصلاً لجيل 1973.

ما مصير الإجراءات الإيجابية في الإصلاح الحالي؟

ويشمل إصلاح 2023 بعض التدابير الاجتماعية، مثل التقاعد التدريجي، والزيادات المخصصة للأمهات، وتبسيط شروط التقاعد لذوي الإعاقة، ورفع الحد الأدنى لبعض المعاشات الصغيرة.

هل سيؤدي التعليق إلى إلغاء هذه المزايا؟

بحسب الخبراء، لن يتأثر المستفيدون الحاليون، لكن الحقوق المستقبلية للأجيال القادمة قد تكون موضع إعادة نظر.

ما التكلفة المالية المحتملة؟

يصعب تقدير الأثر المالي بدقة قبل تحديد شكل التعليق، إلا أن محكمة الحسابات الفرنسية قدّرت في فبراير/ شباط الماضي أن تجميد سنّ التقاعد عند 63 عامًا سيكلف الدولة:

نحو 500 مليون يورو عام 2026، و3 مليارات يورو في 2027، و5.8 مليارات يورو في 2035، ليصل مجموع التكلفة التراكمية إلى 13 مليار يورو، مع احتساب الآثار الجانبية (كتراجع الإيرادات الضريبية والاشتراكات).

ويُذكر أن نظام التقاعد الفرنسي كان متوقعًا أن يسجل عجزًا قدره 15 مليار يورو حتى من دون أي تعديل على إصلاح 2023.

وتحذر المحكمة من أنه إذا تم خفض السنّ القانوني إلى 63 عامًا، فعلى الحكومة أن تعوض الفارق عبر رفع الضرائب أو خفض المعاشات أو زيادة مدة المساهمة التأمينية.

كيف يمكن تمرير قرار التعليق؟

يمكن إدراج بند تعليق الإصلاح ضمن خطة تمويل الضمان الاجتماعي التي ستُعرض في الخريف، بشرط أن يتم تشكيل حكومة جديدة وألا تُسقطها المعارضة.

لكن في الوقت الذي يدعم فيه اليسار والنقابات هذا الطرح، يرفضه اليمين بشدة، فيما لا يزال الجدل محتدمًا داخل الكتلة الوسطية الداعمة للرئيس إيمانويل ماكرون.

لذلك، فإن تمرير التعليق سيحتاج إلى اتفاق سياسي دقيق يصعب تحقيقه حاليًا.

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى